قد تكون الشخصية الدبلوماسية الهادئة التي يتمتع بها أحمد حسن قائد المنتخب المصري أمراً طبيعياً بسبب اعتياده الأضواء والمسؤولية الملقاة على عاتقه، ولكن هذه الدبلوماسية لا تقبل المساومات سواء على الجانب الإنساني أو الكروي.
فعلى الرغم من الدعابات المستمرة والمتبادلة بينه وبين محرري FilGoal.com في اللقاء الأخير الذي إلا أنه لم يحاول إخفاء غضبه ممن اتهموه بالخيانة بعد مشاركته في مباراة فريقه الأوروبي أمام هابول تل أبيب الإسرائيلي في كأس الاتحاد الاوروبي أواخر أكتوبر المنصرم.
وشارك حسن في المباراة التي فاز فيها أندرلخت بهدفين دون رد على مدار دقائقها التسعين، وساعد في صنع هدف المباراة الأول، ليس فقط لأنه يرى أنه حينما تفوز على فريق إسرائيلي في مباراة يعتبر مكسباً جديداً وشيء يدعو للفخر وإنما "لأنني وقعت عقداً مع أندرلخت للمشاركة في كل مبارياته، كما أن المباراة أقيمت في بلجيكا وليس في إسرائيل".
وطالب اللاعب المصري منتقديه بمراجعة أنفسهم جيداً "فأنا أكدت منذ إعلان القرعة وقبل معرفة مكان اللقاء أنني لن ألعب في إسرائيل مهما كلفني الأمر من عقوبات، كما أنني رفضت تحية الفريق المنافس وتظاهرت بالانشغال قبل بداية اللقاء، وبعد نهايته هرعت إلى غرف الملابس مباشرة، ورغم كل هذا مازلت أواجه اللوم على مشاركتي في المباراة".
وأوضح أن مثل هذا التصرف قد يوقعه في مشاكل أمام مسؤولي النادي البلجيكي، لكنه أكد أنه لم يبال بكل هذا، بل قدم مباراة جيدة، وهو جعل مسؤولي أندرلخت أكثر تفهماً لموقفه.
وأبدى حسن حزنه لأن هناك أناس يطلقون اتهامات باطلة من دون وجه حق ومن دون معرفة حقائق الأمور وهو "ما يؤثر في نفسي كثيرا خاصة وأنني في الغربة وكل التعليقات والرسائل الآتية من مصر يكون لها تأثير كبير علىّ".
ويندهش حسن من أن أغلب تعليقات زوار الموقع على أخباره أو تصريحاته تكون موجهة لشخصه وليس تعليقا على الموضوع، وعادة ما يكون فيها نقد بلا أساس موضوعي "وهو ما يجعلني أفكر في التوقف عن التواصل مع الجماهير عبر مواقع الإنترنت بسبب الهجوم الشخصي".
وقال إنه يندهش من وجود بعض الاتهامات بأن FilGoal.com يتعمد الترويج له "بل إن هناك من قال أنني شريك في الموقع ولكني أتساءل: هل لو كانت أخباري نوعا من الدعاية .. كان الموقع سيسمح بنشر هذا الكم من التعليقات القاسية؟"
وأوضح حسن أنه لا يطلب من الجميع تأييده أو عدم الاختلاف معه "بل أرحب بالانتقاد الموضوعي الذي يكون تعليقا على موضوع الخبر أو الحوار وليس لمجرد توجيه الإهانات".
ولكنه عاد وأكد أن التعليقات الإيجابية يكون لها أكبر الأثر عليه وأنها في أحيان كثيرة تكون حافزا له على الاستمرار والتألق.
الاحتفاظ بالكرة
ولم تكن وطنية وانتماء حسن فقط موضع الانتقاد، ولكن مهاراته كلاعب نالت نصيبها أيضا، لكنه تقبلها بهدوء شديد "واجهت النقد أكثر من مرة بسبب احتفاظي بالكرة، واتهمت بأنني أتسبب في ابطاء الهجمات، لكن الأمور لها منظور مختلف في الملعب".
ووصف احتفاظه بالكرة بأنه "موهبة، فأنا لا أفقد الكرة بسهولة، وأنا لا أقوم بهذا الأمر على سبيل التسلية، بل أنه يستنفذ كثيراً من طاقتي كلاعب، ولكننا في مصر لا نحب استلام الكرة في مساحة، فكل لاعب يرغب في الحصول على الكرة في قدمه، لذلك أعاني في بعض الأوقات من إيجاد لاعب منطلق لأمرر له الكرة".
وأبدى حسن تمسكه بطريقته "هذا هو طابع لعبي ولن أبدله، وإذا كان أسلوبي غير مقنع للمدربين ما كانوا احتفظوا بي في الملعب. ولكن أحدا من مدربي المنتخب لم يستبعدني طوال السنوات العشر الأخيرة وأعتقد أن تواجدي الدائم في الملعب سواء خلال مباريات المنتخب أو مع الفرق المختلفة التي ألعب لها أكبر دليل على نجاح أسلوبي".
"وأود توضيح أننا شعب ينجرف سريعا خلف المذيعين أو الصحفيين فإن أشاد بي من يعلق على المباراة كنت نجما وإن هاجمني صرت مفسدا لهجمات المنتخب وكأنه هو الحكم والمعيار الرئيسي لمدى نجاحي أو فشلي".
ورغم أن حسن ساق مبرراته لطريقته داخل المستطيل الأخضر قرر ترك الأمور الفنية للمدربين "لي أدوار عديدة في الفريق كقائد، ولكني لا أتدخل في الأمور الفنية".
وحدد حسن دوره مع المنتخب خارج الملعب في "تحفيز وتشجيع اللاعبين وبث الروح، فدائماً ما أقول للاعبين أن علينا وضع هدف واضح نصب أعيننا ليزدادوا إصراراً على الفوز".
"فدائما أقول للاعبين أن من يريد أن يكون له فرصة في الاحتراف أو يريد أن يبني لنفسه اسما وتاريخا فإن المنتخب هو الباب الأول لتحقيق هذا الهدف".
غانا 2008
وابتعد لاعب الوسط المخضرم عن الديبلوماسية أيضا في حديثه عن كأس الأمم الإفريقية المقبلة في غانا، مشيرا إلى أن حاملي اللقب سيفتقدون الجماهير التي ساندتهم في 2006.
ولم يغفل حسن الدور الذي لعبته الجماهير في البطولة الماضية "يجب الاعتراف بأننا نعاني دائماً حين نلعب خارج أرضنا، فالجمهور الغفير الذي ساندنا البطولة الماضية لن يكون موجوداً هذه المرة، فقوة الجمهور مساندته لفريقه قد تبث الرعب في قلوب الفريق المنافس".
ولكن لم تكن الجماهير هي السبب الوحيد الذي برر به تخوفه من اللعب في غانا "هذه ليست مشكلة جديدة على المنتخب المصري، فنحن لا نجيد اللعب بعد فترة تجمعات قصيرة".
ولكن حسن شدد على أن مصر تمتلك لاعبين جيدين وأن فترة التجمع التي قد تمتد إلى شهر قبل البطولة سيكون عليها عاملا كبيرا في انسجام المحترفين في أوروبا مع الفريق لا سيما وأن البطولات الكبيرة تختلف في أجوائها واستعداداتها عن المباريات المتفرقة".
وأضاف حسن أن مجموعة مصر في البطولة متوازنة إلى حد كبير وأن القرعة خدمت الفراعنة أيضا لأنهم لن يواجهوا عمالقة إفريقيا بعد التأهل إلى دور الثمانية "فلن نلعب مع غانا أو كوت ديفوار أو الكاميرون التي سنكون قد قابلناها في الدور الأول".
الدورة العربية
وعن مشاركة المنتخب الأول في الدورة العربية الحادية عشر المقامة في مصر حالياً قال حسن: "ليس لنا دخل في تحديد موعد الدورة العربية، ومشاركتنا بالمنتخب الأول كان أمراً لابد منه".
أما إمكانية الدفع بالناشئين للمشاركة في مباريات الدورة العربية أكد حسن أن الأمر كان مطروحاً بالفعل، وهو منطقي وما كانت أغلب الفرق الكبيرة قد تفعله، "لكن إذا خسرنا البطولة بسبب المشاركة بالصف الثاني ستكون العواقب وخيمة أما الفوز فسيعد أمرا عاديا".
واعتبر حسن البطولة العربية "فرصة" لتجربة بعض اللاعبين الشباب والجدد، وإبراز مواهبهم حتى يستطيع الجهاز الفني تحديد من يصلح للانضمام إلى الفريق في كأس الأمم الإفريقية، وأيضا "لتجربة طريقة 4-4-2 لأننا قادرين تماماً على الآداء بطريقة 3-5-2 وأي لاعب مصري لن يجد صعوبة في تنفيذها".
ورغم هذه التجربة شكك حسن في أن يعتمد المدير الفني للمنتخب المصري على عناصر شابة في غانا أو أن يغير من طريقة لعب المنتخب "أعتقد أن شحاتة لن يغامر بلاعبين شباب على حساب أصحاب الخبرات، فتلك البطولات لا تحتمل أي خطأ أو إرتباك من لاعب، بل تحتاج للاعبين يملكون من التجربة ما يفيدهم في المواقف الصعبة".
كما توقع حسن أن يتمسك شحاته بالطريقة نفسها في منافسات البطولة "لا أعتقد أن شحاته سيغير من طريقة لعبه التي يستخدمها في المباريات الكبرى، والتي تعتمد على ثلاثة مدافعين، أو أن يلجأ للأساليب الدفاعية، لأننا لا نملك أدوات الدفاع التي تتطلب هجوم مرتد سريع، فمهاجمينا ليسوا بالسرعة المطلوبة".
الجوهري وكرول
واعترف حسن بفضل شيخ المدربين المصريين محمود الجوهري والهولندي رود كرول المدير الفني للزمالك عليه، مشيرا إلى أن علاقته القوية بالجوهري لم تؤثر أبدا على تعاونه الكامل مع كل المدربين الذين تولوا منتخب مصر في الفترة الماضية.
وكان حسن قد واجه اتهامات إبان فترة المدير الفني محسن صالح بأنه يحاول إعادة الجوهري إلى تدريب المنتخب من جديد ولكنه أوضح أن "من يتهمني بذلك لا يتحلى بالثقة أو المنطق، فأنا لعبت مع المنتخب سواء في وجود الجوهري أو غيابه وحققت بطولات، وليس معنى ارتباطي بالجوهري أنني أعمل ضد منتخب بلادي".
ولم تكن علاقة حسن بالجوهري هي فقط موضع التساؤل، بل إن الجلسة "الودية" الأخيرة التي جمعت بين حسن وكرول أثارت شائعات عن اقتراب انتقال لاعب أندرلخت إلى القلعة البيضاء مع نهاية الموسم الجاري.
ورغم أن حسن لم ينفي أن جلسته مع كرول تضمنت حديثاً عن إمكانية إنتقاله للقلعة البيضاء إلا "الأمر لم يخرج من كونه مجرد حديث ودي لم يرق لمستوى المفاوضات الرسمية حتى الآن".
وأجع حسن لقاءه بالمدير الفني للزمالك "لأنه ذو فضل كبير علي والكل يعلم هذا جيداً، ورغم أن اتصالاتنا قد تغيب لفترات طويلة، إلا أنها لا تنقطع أبداً، وتناولت جلستنا العديد من المواضيع، وكان من بينها مسألة انضمامي للزمالك".
ورغم العلاقة الوطيدة التي تجمع بين حسن وكرول، إلا أنهما لم يغفلا أن "مثل هذه القرارات ليست بأيدينا، وإنما في أيدي مجلس إدارة النادي أيضاً، وتحتاج لمفاوضات كثيرة".
الأهلي والزمالك
وجدد حسن نيته بعدم تجديد عقده مع أندرلخت مع نهاية الموسم بسبب رغبته في الاستقرار في مصر، مفضلا عدم الحديث عن عرضي الأهلي والزمالك "حتى لا يتهمني أحد بأنني أروج لنفسي على حساب الناديين أو أنني أدير اسطوانة كل موسم على حد قولهم".
ولكن رغبة حسن في العودة إلى مصر والاستقرار لن تكون العامل الوحيد في حسم اختياره "ليس لي طريقة محددة في اختيار العرض المناسب، ولكني لا أنفي اهتمامي بالجانب المادي، ومن ينتقدون هذا أذكرهم أن العامل المادي هام في حياتهم أيضاً، ولو وجد أحدهم فرصة عمل ذات أجر أعلى مما يتقاضونه فسيهرعون إليها على الفور".
وأكد أن رحيله عن أندرلخت البلجيكي جاء لأنه لم يعد يرغب في "التحول إلى مجرد آلة تعمل من دون روح، أرغب في الاستمتاع بالكرة وأن أحيا بشكل يمنحني الحماسة لأخرج أفضل ما لدي".
وحدد موعد رحيله من ناديه البلجيكي مع نهاية الموسم الجاري "من الصعب أن أرحل عن أندرلخت في يناير نظراً لتمسكهم الشديد بي، ولكن في حال وصول عرض يرضيهم ويرضيني قد يختلف الأمر".
وقال النجم ذو الـ32 عاما إن السن لم يعد عاملا في تقييم اللاعبين "طالما أستطيع الأداء بسرعة وقوة طوال 90 دقيقة" كاشفا عن أنه قادر على الاستمرار في بلجيكا أو تركيا إذا أراد وهو ما ينفي ادعاءات هبوط مستواه.
وأضاف مازحا بأنه سيوقع مع عقده الجديد لأي ناد على ضمان لمدة أربع سنوات مقبلة لأنه يشعر باستمرار قدرته على العطاء طالما يحافظ على مستواه الفني والبدني.
المحترفون المصريون
ومع اقتراب مشواره الاحترافي من نهايته، وجه قائد المنتخب المصري رسالة إلى اللاعبين الذين يقفون على أعتاب الاحتراف "المحترفون بحاجة لاستغلال السمعة التي قد يتركها أحدنا في بلد ما، بدلا من صنع سمعة سيئة لنا بسرعة عودتهم وفسخ تعاقداتهم مبكرا".
وعن المشاكل التي تواجه المصريين في الاحتراف "اللاعب المصري يخرج إلى العالم بعدما جعلت منه الجماهير نجماً، ولكنه يصطدم بأرض الواقع حينما يجد الوضع في الخارج مغايراً لذلك وهو ما يصيبه باحباط شديد ويسعى للعودة إلى بلاده".
وربط حسن نجاح أي لاعب مصري في تجربته الاحترافية بعنصر واحد "الطموح، فهي ما تجعلك تتخطى الصعاب التي قد تقابلك وأنت في الغربة".
وإن كانت تجربة أحمد حسن الاحترافية مثلاً يحتذى به للكثيرين، فانه يرى أنها لم تكن كامله "لو كنت قد بدأت حياتي الاحترافية في بلجيكا بدلا من تركيا لاختلف مصيري حالياً، وكنت لأمثل أكبر الفرق في أوروبا، الأزمة في تركيا أنها بعيدة في ركن أوروبا بينما تعد بلجيكا في قلب القارة وتحت أنظار الجميع".
وقال حسن إن لولا الظروف التي واجهت أحمد فتحي في إنجلترا كان يستطيع إكمال مشواره في أوروبا كما أوضح أن حسن مصطفى يمتلك ما يتطلبه الاحتراف إضافة إلى مهاجم الزمالك الجديد شريف أشرف الذي خضع لاختبارات في ستاندرد لييج لكنه لم يكمل المشوار.
الرئيسية 
البوابة 
أحدث الصور 
التسجيل 
دخول 
السبت نوفمبر 24, 2007 2:34 am